فصل: فصل الشرائط المعتبرة في سائر الصلوات

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 باب الصلاة على الميت

تقدم أنها فرض كفاية ويشترط فيمن يصلي عليه ثلاثة أمور أن يكون ميتا مسلما غير شهيد فلو وجد بعض مسلم ولم يعلم موته لم يصل عليه وإن علم موته صلي عليه وإن قل الموجود هذا في غير الشعر والظفر ونحوهما وفي هذه الأجزاء وجهان أقربهما إلى إطلاق الأكثرين أنها كغيرها لكن قال في العدة إن لم يوجد إلا شعرة واحدة لم يصل عليها في ظاهر المذهب ومتى شرعت الصلاة فلا بد من الغسل والمواراة بخرقة‏.‏

وأما الدفن فلا يختص بما إذا علم موت صاحبه بل ما ينفصل من الحي من شعر وظفر وغيرهما يستحب له دفنه وكذلك يوارى دم الفصد والحجامة والعلقة والمضغة تلقيهما المرأة ولو وجد بعض ميت أو كله ولم يعلم أنه مسلم فإن كان في دار الإسلام صلي عليه لأن الغالب فيها الإسلام‏.‏

فرع السقط له حالان أحدهما أن يستهل أو يبكي ثم يموت فهو كالكبير الثاني أن لا تتيقن حياته باستهلال ولا غيره فتارة يعرى عن أمارة كالاختلاج ونحوه وتارة لا يعرى فإن عري نظر إن لم يبلغ حدا ينفخ فيه الروح وهو أربعة أشهر فصاعدا لم يصل عليه قطعا ولا يغسل على المذهب وقيل في غسله قولان وإن بلغ أربعة أشهر صلي عليه في القديم ولم يصل في الجديد ويغسل على المذهب وقيل قولان‏.‏

والفرق أن الغسل أوسع فإن الذمي يغسل بلا صلاة أما إن اختلج أو تحرك فيصلي عليه على الأظهر وقيل قطعاً‏.‏

ويغسل على المذهب وقيل فيه القولان وما لم يظهر فيه خلقة آدمي يكفي فيه المواراة كيف كانت وبعد ظهورها حكم التكفين حكم الغسل‏.‏

 فصل لا تجوز الصلاة على كافر

حربيا كان أو ذميا ولا يجب غسلة ذميا كان أو حربيا لكن يجوز وأقاربه الكفار أولى بغسله من أقاربه المسلمين وأما تكفينه ودفنه فإن كان ذميا وجب على المسلمين على الأصح وفاء بذمته كما يجب إطعامه وكسوته في حياته وإن كان حربيا لم يجب تكفينه قطعا ولا دفنه على المذهب‏.‏

وقيل وجهان أحدهما يجب والثاني لا بل يجوز إغراء الكلب عليه فإن دفن فلئلا يتأذى الناس بريحه والمرتد كالحربي ولو اختلط موتى المسلمين بالكفار ولم يتميزوا وجب غسل جميعهم والصلاة عليهم فإن صلى عليهم دفعة واحدة جاز ويقصد المسلمين منهم وإن صلى عليهم واحدا واحدا جاز وينوي الصلاة عليه إن كان مسلما ويقول اللهم اغفر له إن كان مسلما قلت الصلاة عليهم دفعة أفضل واقتصر عليها الشافعي وجماعة من الأصحاب واختلاط الشهداء بغيرهم كاختلاط الكفار والله أعلم‏.‏

 فصل الشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه

وقال المزني يصلي عليه ولا فرق عندنا بين الرجل والمرأة والحر والعبد والبالغ والصبي ثم المراد بترك الصلاة أنها حرام على الصحيح وعلى الثاني لا تجب لكن تجوز وأما الغسل فإن وقيل كالصلاة واسم الشهيد قد يخصص في الفقه بمن لا يغسل ولا يصلي عليه وقد يسمى كل مقتول ظلما شهيدا وهو أظهر وهو الذي نص عليه الشافعي رحمه الله في المختصر وعلى هذا الشهيد نوعان‏.‏

أحدهما من لا يغسل ولا يصلي عليه وهو من مات بسبب قتال الكفار حال قيام القتال سواء قتله كافر أو أصابه سلاح مسلم خطأ أو عاد إليه سلاحه أو سقط عن فرسه أو رمحته دابة فمات أو وجد قتيلا عند انكشاف الحرب ولم يعلم سبب موته سواء كان عليه أثر دم أم لا أما إذا مات في معترك الكفار لا بسبب القتال بل بمرض أو فجأة فالمذهب أنه ليس بشهيد وقيل على وجهين‏.‏

ولو جرح في القتال ومات بعد انقضائه فإن قطع بموته من تلك الجراحة وبقي فيه بعد انقضاء الحرب حياة مستقرة فقولان أظهرهما ليس بشهيد وسواء في جريان القولين أكل وتكلم وصلى أم لا طال الزمان أم قصر‏.‏

وقيل إن مات عن قرب فقولان وإن بقي أياما فليس بشهيد قطعاً‏.‏

وأما إذا انقضت الحرب وليس فيه إلا حركة مذبوح فشهيد بلا خلاف وإن انقضت وهو متوقع البقاء فليس بشهيد بلا خلاف‏.‏

ولو دخل الحربي دار الإسلام فقتل مسلما اغتيالا فليس بشهيد على الصحيح ولو قتل أهل البغي رجلا من أهل العدل غسل وصلي عليه على الأظهر ويغسل الباغي المقتول ويصلي عليه قطعاً ومن قتله قطاع الطريق قيل 0 ليس بشهيد قطعا وقيل كالعادل‏.‏

النوع الثاني الشهداء العارون عن جميع الأوصاف المذكورة كالمبطون والمطعون والغريق والغريب والميت عشقا والميتة في الطلق ومن قتله مسلم أو ذمي أو باغ في غير القتال فهم كسائر الموت يغسلون ويصلي عليهم وإن ورد فيهم لفظ الشهادة وكذا المقتول قصاصا أو حدا ليس بشهيد‏.‏

وإذا قتل تارك الصلاة غسل وكفن وصلي عليه ودفن في مقابر المسلمين ورفع قبره كغيره كما يفعل بسائر أصحاب الكبائر هذا هو الصحيح وفي وجه لا يغسل ولا يصلي عليه ولا يكفن ويطمس قبره تغليطا عليه وأما قاطع الطريق فيبنى أمره على صفة قتله وصلبه وفيه قولان أظهرهما يقتل ثم يغسل ويصلي عليه ثم يصلب مكفنا‏.‏

والثاني يصلب ثم يقتل وهل ينزل بعد ثلاثة أيام أم يبقى حتى يتهرأ وجهان إن قلنا بالأول أنزل فغسل وصلي عليه وعلى الثاني لا يغسل ولا يصلي عليه قال إمام الحرمين وكان لا يمتنع أن يقتل مصلوبا وينزل فيغسل ويصلي عليه ثم يرد ولكن لم يذهب إليه أحد

فرع لو استشهد جنب لم يغسل على الأصح ولا يصلي عليه قطعاً‏.‏

قلت ولو استشهدت حائض فإن قلنا الجنب لا يغسل فهي أولى وإلا فوجهان حكاهما صاحب البحر بناء على أن غسل الحائض يتعلق برؤية الدم أم بانقطاعه أم بهما إن قلنا برؤيته فكالجنب والله أعلم‏.‏

ولو أصابته نجاسة لا بسبب الشهادة فالأصح أنها تغسل والثاني لا والثالث إن أدى غسلها إلى إزالة أثر الشهادة لم تغسل وإلا غسلت‏.‏

فرع والأولى أن يكفن الشهيد في ثيابه الملطخة بالدم فإن لم يكن ما عليه سابغا تمم وإن أراد الورثة نزع ما عليه من الثياب وتكفينه في غيرها جاز أما الدرع والجلد والفراء والخفاف فتنزع‏.‏

 فصل فيمن هو أولى بالصلاة على الميت

وفي الولي والوالي قولان القديم الوالي أولى كما في سائر الصلوات ثم إمام المسجد ثم الولي والجديد الولي أولى‏.‏

والمراد بالولي القريب فلا يقدم غيره إلا أن يكون القريب أنثى وهناك ذكر أجنبي فهو أولى حتى يقدم الصبي المراهق على المرأة القريبة وكذا الرجل أولى من المرأة بإمامة النساء في سائر الصلوات وأولى الأقارب الأب ثم الجد أب الأب وإن علا ثم الابن ثم ابن الابن وإن سفل ثم الأخ‏.‏

وهل يقدم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب فيه طريقان المذهب تقديمه والثاني على قولين كولاية النكاح أظهرهما يقدم والثاني سواء فعلى المذهب المقدم بعدهما ابن الأخ من الأبوين ثم من الأب ثم من العم للأبوين ثم للأب ثم ابن العم للأبوين ثم عم الأب ثم بنوه ثم عم الجد ثم بنوه على ترتيب الإرث‏.‏

قلت قال أصحابنا لو اجتمع ابناء عم أحدهما أخ لأم فعلى الطريقين والله أعلم‏.‏

فإن لم يكن عصبة قدم المعتق قال إمام الحرمين ولعل الظاهر تقديمه على ذوي الأرحام وله حق في هذا الباب فإذا لم يكن هناك عصبة بالنسب ولا بالولاء قدم أبو الأم ثم الأخ للأم ثم الخال ثم العم للأم ولو أوصى أن يصلي عليه أجنبي فطريقان المذهب وبه قطع الجمهور يقدم القريب والثاني وجهان‏.‏

أحدهما هذا والثاني يقدم الموصى له كالوجهين فيمن أوصى أجنبيا على أولاده ولهم جد إذا اجتمع اثنان في درجة كابنين أو أخوين وتنازعا نص في أن الأسن أولى وقال في سائر الصلوات الأفقه أولى قال الجمهور المسألتان على ما نص عليه وهذا هو المذهب وقيل فيهما قولان بالتخريج‏.‏

والمراد بالأسن الأكبر وإن كانا شابين وإنما يقدم الأسن إذا حمدت حاله أما الفاسق والمبتدع فلا‏.‏

ويشترط بمضي السن في الإسلام كما سبق في سائر الصلوات ولو استوى اثنان في درجة وأحدهما رقيق والآخر حر فالحر أولى فإن كان أحدهما رقيقا فقيها والآخر حرا غير فقيه فوجهان وقال في الوسيط لعل التسوية أولى‏.‏

قلت الأصح تقديم الحر والله أعلم‏.‏

ولو كان الأقرب رقيقا والأبعد حرا كأخ رقيق وعم حر فالأصح عند الجمهور العم أولى والثاني الأخ وقيل سواء ولو استووا في كل شيء فإن رضوا بتقدم واحد فذاك وإلا أقرع

 فصل السنة أن يقف الإمام عند عجيزة المرأة

قطعا وعند رأس الرجل على الصحيح الذي قطع به فرع إذا حضرت جنائز جاز أن يصلي على كل واحدة صلاة وهو أن يصلي على الجميع صلاة واحدة سواء كانوا ذكورا و إناثا فإن كانوا نوعا واحدا ففي كيفية وضعهم وجهان وقيل قولان أصحهما يوضع بين يدي الإمام في جهة القبلة بعضها خلف بعض ليحاذي الإمام الجميع‏.‏

والثاني يوضع الجميع صفا واحدا رأس كل إنسان عند رجل الآخر ويجعل الإمام جميعهم عن يمينه ويقف في محاذاة الآخر وإن اختلف النوع تعين الوجه الأول‏.‏

ومتى وضعوا كذلك فمن يقدم إلى الإمام ينظر إن جاؤوا دفعة واحدة نظر إن اختلف النوع قدم إليه الرجل ثم الصبي ثم الخنثى ثم المرأة‏.‏

ولو حضر جماعة من الخناثى وضعت صفا واحدا لئلا تتقدم امرأة رجلا وإن اتحد النوع قدم إليه أفضلهم والمعتبر فيه الورع والخصال التي ترغب في الصلاة عليه ويغلب على الظن كونه أقرب رحمة من الله تعالى ولا يقدم بالحرية‏.‏

وإن استووا في جميع الخصال وتنازع الأولياء في التقديم أقرع بينهم وإن رضوا بتقديم واحد فذاك وأما إذا جاءت الجنائز متعاقبة فيقدم إلى الإمام أسبقها وإن كان المتأخر أفضل هذا إن اتحد النوعفلو وضعت امرأة ثم حضر رجل أو صبي نحيت ووضع الرجل أو الصبي بين يدي الإمام ولو وضع صبي ثم حضر رجل فالصحيح أنه لا ينحى الصبي بل يقال لولي الرجل إما أن تجعل جنازتك وراء الصبي وإما أن تنقله إلى موضع آخر وعلى الشاذ الصبي كالمرأة‏.‏

فإن قيل ولي كل ميت أولى بالصلاة عليه فمن يصلي على الجنائز صلاة واحدة قلنا من لم يرض بصلاة غيره صلى على ميته وإن رضوا جميعا بصلاة واحدة صلى ولي السابقة رجلا كان ميته أو امرأة وإن حضروا معا أقرع‏.‏

 فصل في كيفية الصلاة

أما أقلها فأركانها سبعة الأول النية ووقتها ما سبق في سائر الصلوات وفي اشتراط الفرضية الخلاف المتقدم وهل يشترط التعرض لكونها فرض كفاية أم يكفي مطلق الفرض وجهان أصحهما الثاني ثم إن كان الميت واحدا نوى الصلاة عليه وإن حضر موتى نوى الصلاة عليهم ولا حاجة إلى تعيين الميت ومعرفته بل لو نوى الصلاة على من يصلي عليه الإمام جاز ولو عين الميت وأخطأ لم تصح‏.‏

ويجب على المقتدي نية الاقتداء‏.‏

الركن الثاني القيام ولا يجزىء عنه القعود مع القدرة على المذهب كما سبق في التيمم الثالث التكبيرات الأربع ولو كبر خمسا ساهيا لم تبطل صلاته ولا مدخل لسجود السهو في هذه الصلاة‏.‏

وإن كان عامدا لم تبطل أيضاً على الأصح الذي قاله الأكثرون وقال ابن سريج الأحاديث الواردة في تكبير الجنازة أربعا وخمسا هي من الاختلاف المباح والجميع سائغ ولو كبر إمامه خمسا فإن قلنا الزيادة مبطلة فارقه وإلا فلا ولكن لا يتابعه فيها على الأظهر وهل يسلم في الحال أم له انتظاره ليسلم معه وجهان أصحهما الثاني‏.‏

الرابع السلام وفي وجوب نية الخروج معه ما سبق في سائر الصلوات ولا يكفي السلام عليك على المذهب وفيه تردد جواب عن الشيخ أبي علي‏.‏

الخامس قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى فظاهر كلام الغزالي أنه ينبغي أن تكون الفاتحة عقب الأولى متقدمة على الثانية لكن حكى الروياني وغيره عن نصه أنه لو أخر قراءتها إلى التكبيرة الثانية جاز‏.‏

السادس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية وفي وجوب الصلاة على الآل قولان السابع الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة وفيه وجه أنه لا يجب تخصيص الميت بالدعاء بل يكفي إرساله للمؤمنين والمؤمنات وقدر الواجب من الدعاء ما يطلق عليه الاسم‏.‏

وأما الأفضل فسيأتي إن شاء الله تعالى وأما أكمل هذه الصلاة فلها سنن منها رفع اليدين في تكبيراتها الأربع ويجمع يديه عقب كل تكبيرة ويضعهما تحت صدره كباقي الصلوات ويؤمن عقب الفاتحة ولا يقرأ السورة على المذهب ولا دعاء الاستفتاح على الصحيح ويتعوذ على الأصح ويسر بالقراءة في النهار قطعا وكذا في الليل على الصحيح‏.‏

ونقل المزني في المختصر أنه عقب التكبيرة الثانية يحمد الله تعالى ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات فهذه ثلاثة أشياء أوسطها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي ركن كما تقدم‏.‏

وأولها الحمد ولا خلاف أنه لا يجب وفي استحبابه وجهان أحدهما وهو مقتضى كلام الأكثرين لا يستحب والثاني يستحب وجزم به صاحبا التتمة و التهذيب‏.‏

قلت نقل إمام الحرمين اتفاق الأصحاب على الأول وأن ما نقله المزني غير سديد وكذا قال جمهور أصحابنا المصنفين ولكن جزم جماعة بالاستحباب وهو الأرجح والله أعلم‏.‏

وأما ثالثها وهو الدعاء للمؤمنين والمؤمنات فمستحب عند الجمهور وحكى إمام الحرمين فيه قلت ولا يشترط ترتيب هذه الثلاثة لكنه أولى والله أعلم‏.‏

ومن المسنونات إكثار الدعاء للميت في الثالثة ويقول اللهم هذا عبدك وابن عبديك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ولقه برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه وافسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين هذا نص الشافعي في المختصر‏.‏

وفيها دعاء آخر وعليه أكثر أهل خراسان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة قال اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان فإن كان الميت امرأة قال اللهم هذه أمتك وبنت عبديك ويؤنث الكنايات‏.‏

قلت ولو ذكرها على إرادة الشخص لم يضر قال البخاري وسائر الحفاظ أصح دعاء الجنازة حديث عوف بن مالك في صحيح مسلم وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فقال اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وفتنته ومن عذاب النار والله أعلم‏.‏

وإن كان طفلا اقتصر على رواية أبي هريرة رضي الله عنه ويضم إليه اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا وثقل به موازينهما وافرغ الصبر على قلوبهما ولا تفتنهما بعده ولا تحرمهما أجره‏.‏

وأما التكبيرة الرابعة فلم يتعرض الشافعي في معظم كتبه لذكر عقبها ونقل البويطي عنه أنه يقول عقبها اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده كذا نقل الجمهور عنه وهذا الذكر ليس بواجب قطعا وهو مستحب على المذهب وقيل في استحبابه وجهان أحدهما لا يستحب بل إن شاء قاله وإن شاء تركه‏.‏

قلت يسن تطويل الدعاء عقب الرابعة وصح ذلك عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم وأما السلام فالأظهر أنه يستحب تسليمتان وقال في الإملاء تسليمة يبدأ بها إلى يمينه ويختمها وقيل يأتي بها تلقاء وجهه بغير التفات قال إمام الحرمين ولا شك أن هذا الخلاف في صفة الالتفات يجري في سائر الصلوات إذا قلنا يقتصر على تسليمة ثم قيل القولان هنا في الاقتصار على تسليمة هما القولان في الاقتصار في سائر الصلوات والأصح أنهما مرتبان عليهما إن قلنا هناك بالاقتصار فهنا أولى وإلا فقولان فإن الاقتصار هناك قول قديم وهنا هو قوله في الإملاء وهو جديد‏.‏

وإذا اقتصر على تسليمة فهل يقتصر على السلام عليكم أم يزيد ورحمة الله فيه تردد حكاه أبو علي‏.‏

فرع المسبوق إذا أدرك الإمام في أثناء هذه الصلاة كبر ولم ينتظر تكبيرة الإمام المستقبلة ثم يشتغل عقب تكبيره بالفاتحة ثم يراعي في الأذكار ترتيب نفسه فلو كبر المسبوق فكبر الإمام الثانية مع فراغه من الأولى كبر مع الثانية وسقطت عنه القراءة كما لو ركع الإمام في سائر الصلوات عقب تكبيره‏.‏

ولو كبر الإمام الثانية والمسبوق في أثناء الفاتحة فهل يقطع القراءة ويوافقه أم يتمها وجهان وعلى هذا هل يتم القراءة بعد التكبيرة لأنه محل القراءة بخلاف الركوع أم لا يتم فيه احتمالان لصاحب الشامل‏.‏

أصحهما الثاني ومن فاته بعض التكبيرات تداركها بعد سلام الإمام وهل يقتصر على التكبيرات نسقا بلا ذكر أم يأتي بالذكر والدعاء قولان أظهرهما الثاني‏.‏

قلت القولان في الوجوب وعدمه صرح به صاحب البيان وهو ظاهر والله أعلم‏.‏

ويستحب أن لا ترفع الجنازة حتى يتم المسبوقون ما عليهم فلو رفعت لم تبطل صلاتهم وإن حولت عن القبلة بخلاف ابتداء عقد الصلاة لا يحتمل فيه ذلك والجنازة حاضرة‏.‏

فرع لو تخلف المقتدي فلم يكبر مع الإمام الثانية أو الثالثة حتى كبر الإمام التكبيرة المستقبلة من غير عذر بطلت صلاته كتخلفه بركعة‏.‏

 فصل الشرائط المعتبرة في سائر الصلوات

كالطهارة وستر العورة والاستقبال وغيرها لو مات في بئر أو معدن انهدم عليه وتعذر إخراجه وغسله لم يصل عليه ذكره في التتمة‏.‏

قلت ويجوز قبل التكفين ولا يشترط فيها الجماعة لكن يستحب وفي أقل ما يسقط فرض الكفاية في هذه الصلاة قولان ووجهان أحد القولين بثلاثة والثاني بواحد وأحد الوجهين باثنين والثاني بأربعة والأظهر عند الروياني وغيره سقوطه بواحد ومن اعتبر العدد قال سواء صلوا فرادى أو جماعة وإن بان حدث الإمام أو بعض المأمومين‏.‏

فإن بقي العدد المعتبر سقط الفرض وإلا فلا ويسقط بصلاة الصبيان المميزين على الأصح ولا يسقط بالنساء على الصحيح وقال كثيرون لا يسقط بهن قطعا وإن كثرن‏.‏

والخلاف فيما إذا كان هناك رجال فإن لم يكن رجل صلين منفردات وسقط الفرض بهن قال في العدة وظاهر المذهب أنه لا يستحب لهن الجماعة في جنازة الرجل والمرأة وقيل يستحب في جنازة المرأة‏.‏

قلت إذا لم يحضر إلا النساء توجه الفرض عليهن وإذا حضرن مع الرجال لم يتوجه الفرض عليهن فلو لم يحضر إلا رجل ونساء وقلنا لا يسقط الفرض إلا بثلاثة توجه التيمم عليهن والظاهر أن الخنثى في هذا الفصل كالمرأة والله أعلم‏.‏

 فصل تجوز الصلاة على الغائب بالنية

وإن كان في غير جهة القبلة يستقبل القبلة وسواء كان بينهما مسافة القصر أم لا بشرط أن يكون خارج البلد فإن كان المصلي والميت في بلد فهل يجوز أن يصلي إذا لم يكن بين يديه وجهان أصحهما لا يجوز قال الشيخ أبو محمد وإذا شرطنا حضور الميت اشترط أن لا يكون بينهما أكثر من ثلاثمائة ذراع تقريبا‏.‏

 فصل إذا صلى على الجنازة جماعة

ثم حضر آخرون فلهم أن يصلوا جماعة وفرادى وصلاتهم تقع فرضا كالأولين وأما من صلى منفردا فلا يستحب له إعادتها في جماعة على الأصح وسواء حضر الذين لم يصلوا قبل الدفن أو بعده فإن الصلاة على القبر عندنا جائزة ولو دفن بلا صلاة أثم الدافنون فإن تقديم الصلاة على الدفن واجب لكن لا ينبش بل يصلون على قبره‏.‏

وحكي أنه لا يسقط الفرض بالصلاة على القبر وهو منكر بل غلط وإلى متى تجوز الصلاة على القبر فيه أوجه أصحها يصلي عليه من كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم موته ولا يصلي غيره هذا قول الشيخ أبي زيد وقال المحاملي وطائفة هذا الوجه بعبارة أخرى فقالوا يصلي من كان من أهل الصلاة يوم موته فعلى العبارة الأولى لا يصلي من كان صبيا مميزا وعلى الثانية يصلي والأولى أشهر والثانية عند الروياني أصح‏.‏

والوجه الثاني يصلي عليه إلى ثلاثة أيام فقط والثالث إلى شهر فقط والرابع يصلي عليه ما بقي منه شيء في القبر فإن انمحقت الأجزاء كلها فلا فإن شك في الانمحاق فالأصل البقاء وفيه احتمال لإمام الحرمين‏.‏

والخامس يصلي أبدا هذا كله في غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تجوز الصلاة على قبره صلى الله عليه وسلم على الأوجه الأربعة قطعا ولا على الخامس على الصحيح وقال أبو الوليد النيسابوري يجوز فرادى لا جماعة‏.‏

قلت بقي من الباب بقايا منها أنه لا تكره الصلاة على الميت في المسجد قال أصحابنا بل الصلاة فيه أفضل للحديث الصحيح في قصة سهل بن بيضاء في صحيح مسلم وأما الحديث الذي رواه أبو داود وغيره من صلى على جنازة في المسجد فلا شي له فعنه ثلاثة أجوبة أحدها ضعفه‏.‏

والثاني الموجود في سنن أبي داود فلا شي عليه هكذا هو في أصول سماعنا على كثرتها وفي غيرها من الأصول المعتمدة‏.‏

والثالث حمله على نقصان أجره إذا لم يتبعها للدفن ويستحب أن تجعل صفوف الجنازة ثلاثة فأكثر للحديث الصحيح فيه واختلاف نية الإمام والمأموم لا تضر فلو نوى الإمام الصلاة على حاضر والمأموم على غائب أو عكسه جاز‏.‏

ومن قتل نفسه غسل وصلي عليه وإذا صلى على الجنازة مرة لا تؤخر لزيادة المصلين ولا لانتظار أحد غير الولي ولا بأس بانتظار وليها إن لم يخف تغيرها قال صاحب البحر لو صلى على الأموات الذين ماتوا في يومه وغسلوا في البلد الفلاني ولا يعرف عددهم جاز وقوله صحيح لكن لا يختص ببلد والله أعلم‏.‏

 باب الدفن

قد تقدم أنه فرض كفاية ويجوز في غير المقبرة لكن فيها أفضل فلو قال بعض الورثة يدفن في ملكه وبعضهم في المقبرة المسبلة دفن في المسبلة ولو بادر بعضهم فدفنه في الملك كان للباقين نقله إلى المسبلة والأولى أن لا يفعلوا ولو أراد بعضهم دفنه في ملك نفسه لم يلزم الباقين قبوله فلو بادر إليه قال ابن الصباغ لم يذكره الأصحاب وعندي أنه لا ينقل فإنه هتك وليس في بقائه إبطال حق الغير‏.‏

ولو اتفقوا على دفنه في ملكه ثم باعوه لم يكن للمشتري نقله وله الخيار في فسخ البيع إن كان جاهلا ثم إذا بلي أو اتفق نقله فذلك الموضع للبائعين أم للمشتري فيه وجهان سيأتي نظائرهما في البيع إن شاء الله تعالى‏.‏

 فصل أقل ما يجزىء في الدفن

حفرة تكتم رائحة الميت وتحرسه عن السباع لعسر نبش مثلها غالبا أما الأكمل فيستحب توسيع القبر وتعميقه قدر قامة وبسطة والمراد قامة رجل معتدل يقوم ويبسط يده مرفوعة‏.‏

والقامة والبسطة ثلاثة أذرع ونصف وفيه وجه أنه قامة فقط وهي ثلاثة أذرع والمعروف الأول

قلت وكذا قال المحاملي إن القامة والبسطة ثلاثة أذرع ونصف وقال الجمهور أربعة أذرع ونصف وهو الصواب والله أعلم‏.‏

فرع يجوز الدفن في الشق واللحد فاللحد أن يحفر حائز القبر مائلا عن استوائه من أسفله قدر ما يوضع فيه الميت وليكن من جهة القبلة والشق أن يحفر وسطه كالنهر ويبنى جانباه باللبن أو غيره ويجعل بينهما شق يوضع فيه الميت ويسقف‏.‏

وأيهما أفضل فإن كانت الأرض صلبة فاللحد أفضل وإلا فالشق‏.‏

فرع السنة أن يوضع الميت عند أسفل القبر بحيث يكون رأسه عند القبر ثم يسل من جهة رأسه سلا رفيقا‏.‏

ولا يدخل القبر إلا الرجال متى وجدوا رجلا كان الميت أو امرأة وأولاهم بالدفن أولاهم بالصلاة إلا أن الزوج أحق بدفن زوجته ثم بعده المحارم الأب ثم الجد ثم الابن ثم ابن الابن ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم العم فإن لم يكن أحد منهم فعبيدها وهم أحق من بني العم لأنهم كالمحارم في جواز النظر ونحوه على الأصح فإن قلنا إنهم كالأجانب لم يتوجه تقديمهم فإن لم يكن عبيدها فالخصيان أولى لضعف شهوتهم‏.‏

فإن لم يكونوا فذوو الأرحام الذين لا محرمية لهم فإن لم يكونوا فأهل الصلاح من الأجانب قال إمام الحرمين وما رأى تقديم ذوي الأرحام محتوما بخلاف المحارم لأنهم كالأجانب في وجوب الاحتجاب عنهم‏.‏

وقدم صاحب العدة نساء القرابة على الرجال الأجانب وهو خلاف النص وخلاف المذهب المعروف‏.‏

فرع إن استقل بوضع الميت في القبر واحد بأن كان طفلا فذاك فالستحب أن يكون عددهم وترا ثلاثة أو خمسة على حسب الحاجة وكذا عدد الغاسلين ويستحب أن يستر القبر عند الدفن بثوب رجلا كان أو امرأة والمرأة آكد واختار أبو الفضل ابن عبدان من أصحابنا أن الاستحباب مختص بالمرأة والمذهب الأول‏.‏

ويستحب لمن يدخله القبر أن يقول باسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول اللهم أسلمه إليك الاشحاء من ولده وأهله وقرابته وإخوانه وفارقه من كان يحب قربه وخرج من سعة الدنيا والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه ونزل بك وأنت خير منزول به إن عاقبته فبذنبه وإن عفوت عنه فأهل العفو أنت أنت غني عن عذابه وهو فقير إلى رحمتك اللهم تقبل حسنته واغفر سيئته وأعذه من عذاب القبر واجمع له برحمتك الأمن من عذابك واكفه كل هول دون الجنة اللهم واخلفه في تركته في الغابرين وارفعه في عليين وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين‏.‏

وهذا الدعاء نص عليه الشافعي رحمه الله في المختصر‏.‏

فرع إذا وضع في اللحد اضجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة بحيث لا ينكب ولا يستلقي بأن يدنى من جدار اللحد ويسند ظهره بلبنة ونحوها ووضعه مستقبل القبلة واجب كذا قطع به الجمهور قالوا فلو دفن مستدبرا أو مستلقيا نبش ووجه إلى القبلة ما لم يتغير فإن تغير لم ينبش وقال القاضي أبو الطيب في كتابه المجرد التوجيه إلى القبلة سنة فلو ترك استحب أن ينبش ويوجه ولا يجب وأما الاضجاع على اليمين فليس بواجب‏.‏

فلو وضع على اليسار مستقبل القبلة كره ولم ينبش ولو ماتت ذمية في بطنها جنين مسلم ميت جعل ظهرها إلى القبلة ليتوجه الجنين إلى القبلة لأن وجه الجنين على ما ذكر إلى ظهر الأم ثم قيل تدفن هذه المرأة بين مقابر المسلمين والكفار وقيل في مقابر المسلمين فتنزل منزلة صندوق الولد وقيل تدفن في مقابر الكفار‏.‏

قلت الصحيح من هذه الأوجه الأول وبه قطع الأكثرون منهم صاحب الشامل والمستظهري وصاحب البيان ونقله صاحب الحاوي عن أصحابنا قال وكذلك إذا اختلط موتى المسلمين بموتى المشركين قال وحكي عن الشافعي أنها تدفع إلى أهل دينها ليتولوا غسلها ودفنها وقطع صاحب التتمة بأنها تدفن على طرف مقابر المسلمين وهذا وجه رابع والله أعلم‏.‏

فرع ويجعل تحت رأس الميت لبنة أو حجر ويفضى بخده الأيمن إليه إلى التراب ولا يوضع تحت رأسه مخدة ولا يفرش تحته فراش حكى العراقيون كراهة ذلك عن نص الشافعي رحمه الله وقال في التهذيب لا بأس به ويكره أن يجعل في تابوت إلا إذا كانت الأرض رخوة أو ندية ولا تنفذ وصيته به إلا في مثل هذه الحالة ثم يكون التابوت من رأس المال‏.‏

فرع إذا فرغ من وضعه في اللحد نصب اللبن على فتح اللحد بقطع اللبن مع الطين أو بالآجر ونحوه ثم يحثي كل من دنا ثلاث حثيات من الجراب بيديه جميعا ويستحب أن يقول مع الأولى منها خلقناكم ومع الثانية وفيها نعيدكم ومع الثالثة ومنها نخرجكم تارة أخرى ثم يهال بالمساحي

فرع المستحب أن لا يزاد في القبر على ترابه الذي خرج منه إلا قدر شبر ليعرف فيزار ويحترم قال في التتمة إلا إذا مات مسلم في بلاد الكفار فلا يرفع قبره بل يخفى لئلا يتعرضوا له إذا رجع المسلمون ويكره تجصيص القبر والكتابة والبناء عليه ولو بني عليه هدم إن كانت المقبرة مسبلة وإن كان القبر في ملكه فلا وأما تطيين القبر فقال إمام الحرمين والغزالي لا يطين ولم يذكر ذلك جماهير الأصحاب ونقل الترمذي عن الشافعي أنه لا بأس بالتطيين ويستحب أن يرش الماء على القبر ويوضع عليه حصا وأن يوضع عند رأسه صخرة أو خشبة ونحوها‏.‏

قلت قال صاحب التهذيب يكره أن يرش على القبر ماء الورد ويكره أن يضرب عليه مظلة ولا بأس بالمشي بالنعل بين القبور والله أعلم‏.‏

فرع المذهب الصحيح الذي عليه جمهور أصحابنا أن تسطيح القبر أفضل وقال ابن أبي هريرة الأفضل الآن التسنيم وتابعه الشيخ أبو محمد والغزالي والروياني وهو شاذ ضعيف‏.‏

فرع الانصراف عن الجنازة أربعة أقسام أحدها ينصرف عقيب الصلاة فله من الأجر قيراط الثاني أن يتبعها حتى توارى ويرجع قبل إهالة التراب‏.‏

الثالث يقف إلى الفراغ من القبر وينصرف من غير دعاء‏.‏

الرابع يقف بعده عند القبر ويستغفر الله تعالى للميت وهذا أقصى الدرجات في الفضيلة وحيازة القيراط الثاني تحصل لصاحب القسم الثالث وهل تحصل للثاني حكى الإمام فيه ترددا قلت وحكى صاحب الحاوي في هذا التردد وجهين وقال أصحهما لا تحصل إلا بالفراغ من دفنه وهذا هو المختار ويحتج له برواية البخاري حتى يفرغ من دفنها ويحتج للآخر برواية مسلم في صحيحه حتى توضع في اللحد والله أعلم‏.‏

فرع ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن فيقال يا عبد الله ابن الله أذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا ورد به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قلت هذا التلقين استحبه جماعات من أصحابنا منهم القاضي حسين وصاحب التتمة والشيخ نصر المقدسي في كتابه التهذيب وغيرهم ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقا والحديث الوارد فيه ضعيف لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم‏.‏

وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث الصحيحة كحديث اسألوا له التثبيت ووصية عمرو بن العاص أقيموا عند قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي رواه مسلم في صحيحه ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا التلقين من العصر الأول وفي زمن من يقتدى به‏.‏

قاله أصحابنا ويقعد الملقن عند رأس القبر وأما الطفل ونحوه فلا يلقن والله أعلم‏.‏

فرع المستحب في حال الاختيار أن يدفن كل ميت في قبر فإن وعثر إفراد كل ميت بقبر دفن الاثنان والثلاثة في قبر ويقدم إلى القبلة أفضلهم ويقدم الأب على الابن وإن كان أفضل منه لحرمة الأبوة وكذا تقدم الأم على البنت ولا يجمع بين النساء والرجال إلا عند تأكد الضرورة ويجعل بينهما حاجز من تراب ويقدم الرجل وإن كان ابنا فإن اجتمع رجل وامرأة وخنثى وصبي قدم الرجل ثم الصبي ثم الخنثى ثم المرأة وهل يجعل حاجز التراب بين الرجلين وكذا بين المرأتين أم يختص باختلاف النوع قال العراقيون لا يختص بل يعم الجميع وأشار جماعة إلى الاختصاص‏.‏

قلت الصحيح قول العراقيين وقد نص عليه الشافعي في الأم والله أعلم‏.‏

القبر محترم توقيرا للميت فيكره الجلوس عليه والاتكاء ووطؤه إلا لحاجة‏.‏

قلت وكذا يكره الاستناد إليه قال أصحابنا والله أعلم‏.‏

فرع يستحب للرجال زيارة القبور وهل يكره للنساء وجهان‏.‏

أحدهما وبه قطع الأكثرون يكره‏.‏

والثاني وهو الأصح عند الروياني لا يكره إذا أمنت من الفتنة والسنة أن يقول الزائر سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله عن قريب بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم وينبغي للزائر أن يدنو من القبر بقدر ما كان يدنو من صاحبه في الحياة لو زاره وسئل القاضي أبو الطيب عن قراءة القرآن في المقابر فقال الثواب للقارىء ويكون الميت كالحاضر ترجى له الرحمة والبركة فيستحب قراءة القرآن في المقابر لهذا المعنى وأيضا فالدعاء عقيب القراءة أقرب إلى الاجابة والدعاء ينفع الميت‏.‏

فرع لا يجوز نبش القبر إلا في مواضع منها أن يبلى الميت ويصير ترابا فيجوز نبشه ودفن غيره ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة وتختلف باختلاف البلاد والأرض وإذا بلي الميت لم يجز عمارة قبره وتسوية التراب عليه في المقابر المسبلة لئلا يتصور بصورة القبر الجديد فيمتنع الناس من الدفن فيه ومنها أن يدفن إلى غير القبلة وقد سبق ومنها أن يدفن من يجب غسله بلا غسل‏.‏

فالمذهب أنه يجب النبش ليغسل وحكي قول أنه لا يجب بل يكره لما فيه من الهتك فعلى المذهب وجهان الصحيح المقطوع به في النهاية و التهذيب ينبش ما لم يتغير الميت والثاني ينبش ما دام فيه جزء من عظم وغيره ومنها إذا دفن في أرض مغصوبة يستحب لصاحبها تركه فان أبى فله إخراجه وإن تغير وكان فيه هتك ومنها لو كفن بثوب مغصوب أو مسروق ففيه أوجه أصحها ينبش لرد الثوب كما ينبش لرد الأرض والثاني لا يجوز نبشه وينتقل صاحب الثوب إلى القيمة لأنه كالتالف والثالث جن تغير الميت وكان في النبش هتك لم ينبش وإلا نبش ولو دفن في ثوب حرير ففي نبشه هذا الخلاف‏.‏

قلت وفي هذا نظر وينبغي أن يقطع بأنه لا ينبش والله أعلم‏.‏

ومنها لو دفن بلا كفن هل ينبش ليكفن أم يترك حفظا لحرمته واكتفاء بستر القبر وجهان أصحهما يترك ومنها لو وقع في القبر خاتم أو غيره نبش ورد‏.‏

ولو ابتلع في حياته مالا ثم مات وطلب صاحبه الرد شق جوفه ويرد قال في العدة إلا أن يضمن الورثة مثله أو قيمته فلا ينبش على الأصح‏.‏

وقال القاضي أبو الطيب لا ينبش بكل حال ويجب الغرم في تركته ولو ابتلع مال نفسه ومات فهل يخرج وجهان قال الجرجاني الأصح يخرج‏.‏

قلت وصححه أيضاً العبدري وصحح الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب في كتابه المجرد عدم الإخراج وقطع به المحاملي في المقنع وهو مفهوم كلام صاحب التنبيهوهو الأصح والله أعلم‏.‏

وحيث قلنا يشق جوفه ويخرج فلو دفن قبل الشق نبش كذلك‏.‏

قلت قال أقضى القضاة الماوردي في الأحكام السلطانية إذا لحق الأرض المدفون فيها سيل أو نداوة فقد جوز الزبيري نقله منها وأباه غيره وقول الزبيري أصح والله أعلم‏.‏

فرع إذا مات في سفينة إن كان بقرب الساحل أو بقرب جزيرة ليدفنوه في البر وإلا شدوه بين لوحين لئلا ينتفخ وألقوه في البحر ليلقيه البحر إلى الساحل لعله يع إلى قوم يدفنونه فإن كان أهل الساحل كفارا ثقل بشيء ليرسب‏.‏

قلت العجب من الإمام الرافعي مع جلالته كيف حكى هذه المسألة على هذا الوجه وكأنه قلد فيه صاحبي المهذب و المستظهري في قولهما إن كان أهل الساحل كفارا ثقل ليرسب وهذا خلاف نص الشافعي وإنما هو مذهب المزني لأن الشافعي رحمه الله قال يلقى بين لوحين ليقذفه البحر قال المزني هذا الذي قاله الشافعي إذا كان أهل الساحل مسلمين فإن كانوا كفارا ثقل بشيء لينزل إلى القرار قال أصحابنا الذي قاله الشافعي أولى لأنه يحتمل أن يجده مسلم فيدفنه إلى القبلة وعلى قول المزني يتيقن ترك الدفن‏.‏

هذا الذي ذكرته هو المشهور في كتب الأصحاب وذكر الشيخ أبو حامد وصاحب الشامل وغيرهما أن المزني ذكرها في جامعه الكبير وأنكر القاضي أبو الطيب عليهم وقال إنما ذكرها المزني في جامعه كما قالها الشافعي في الأم‏.‏

قال الشافعي فان لم يجعلوه بين لوحتين ليقذفه الساحل بل ثقلوه وألقوه في البحر رجوت أن يسعهم كذا رأيته في الأم ونقل الأصحاب أنه قال لم يأثموا وهو بمعناه وإذا ألقوه بين لوحين أو في البحر وجب عليهم قبل ذلك غسله وتكفينه والصلاة عليه بلا خلاف وقد أوضحت المسألة في شرح المهذب بأبسط من هذا وقد بقيت من باب الدفن بقايا‏.‏

ومن سبق إلى موضع من المقبرة المسبلة ليحفره فهو أحق من غيره‏.‏

قال أصحابنا ويحرم أن يدفن في موضع فيه ميت حتى يبلى ولا يبقى عظم ولا غيره قالوا فإن حفر فوجد عظامه أعاد القبر ولم يتم الحفر‏.‏

قال الشافعي رحمه الله فان فرغ من القبر فظهر شيء من العظام جاز أن تجعل في جانب القبر ويدفن الثاني معه قال الشافعي والأصحاب ولو مات له أقارب دفعة وأمكنه دفن كل واحد في قبر بدأ بمن يخشى تغيره ثم الذي يليه في التغير فإن لم يخش تغير بدأ بأبيه ثم أمه ثم الأقرب فالأقرب فإن كانا أخوين فأكبرهما فإن كانتا زوجتين أقرع بينهما ولا يدفن مسلم في مقبرة الكفار ولا كافر في مقبرة المسلمين قال أصحابنا ولا يكره الدفن بالليل قالوا وهو مذهب العلماء كافة إلا الحسن البصري قالوا لكن المستحب أن يدفن نهارا قال الشافعي في الأم والأصحاب ولا يكره الدفن في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها ونقل الشيخ أبو حامد وصاحب الحاوي والشيخ نصر وغيرهم الاجماع عليه وبه أجابوا عن حديث عقبة بن عامر في صحيح مسلم ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيهن وأن نقبر فيهن موتانا وذكر وقت الاستواء والطلوع والغروب وأجاب القاضي أبو الطيب ثم صاحب التتمة بأن الحديث محمول على تحري ذلك وقصده وأما نقل الميت من بلد إلى بلد قبل دفنه فقال صاحب الحاوي قال الشافعي لا أحبه إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس فنختار أن ينقل إليها لفضل الدفن فيها وقال صاحب التهذيب والشيخ أبو نصر البندنيجي من العراقيين يكره نقله‏.‏

وقال القاضي حسين وأبو الفرج الدارمي وصاحب التتمة يحرم نقله‏.‏

قال القاضي وصاحب التتمة ولو أوصى به لم تنفذ وصيته وهذا أصح فإن في نقله تأخير دفنه وتعريضه لهتك حرمته من وجوه ولو ماتت امرأة في جوفها جنين حي قال أصحابنا إن كان يرجى حياته شق جوفها واخرج ثم دفنت وإلا فثلاثة أوجه الصحيح لا يشق جوفها بل يترك حتى يموت الجنين ثم تدفن والثاني يشق والثالث يوضع عليه شيء ليموت ثم تدفن وهذا غلط وإن كان حكاه جماعة وإنما ذكرته لأبين بطلانه‏.‏

قال صاحب الحاوي قال الشافعي رحمه الله لو أن رفقة في سفر مات أحدهم فلم يدفنوه نظر إن كان بطريق يمر فيه المارة أو بقرب قرية للمسلمين فقد أساؤوا وعلى من بقربه من المسلمين دفنه‏.‏

وإن كان بصحراء أو موضع لا يمر به أحد أثموا وعلى السلطان معاقبتهم إلا أن يخافوا لو اشتغلوا به عدوا فيختار أن يواروه ما أمكنهم فإن تركوه لم يأثموا لأنه موضع ضرورة فإن تركوه أثموا‏.‏

ثم إن كان بثيابه ليس عليه أثر غسل ولا تكفين وجب عليهم غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وإن كان عليه أثر الغسل والكفن والحنوط دفنوه فإن أرادوا الصلاة عليه صلوا بعد دفنه على قبره لأن الظاهر أنه صلي عليه وقد ألحقت في هذا الباب أشياء كثيرة وبقيت منها نفائس ومتممات استقصيتها في شرح المهذب تركتها لكثرة الإطالة والله أعلم‏.‏

 باب التعزية

هي سنة ويكره الجلوس لها ويستحب أن يعزي جميع أهل الميت الكبير والصغير والرجل والمرأة لكن لا يعزي الشابة إلا محارمها وسواء في أصل شرعيتها ما قبل الصلاة والدفن وبعدهما لكن تأخيرها إلى ما بعد الدفن أحسن لاشتغال أهل الميت بتجهيزه‏.‏

قلت قال أصحابنا إلا أن يرى من أهل الميت جزعا شديدا فيختار تقديم التعزية ليصبرهم والله أعلم‏.‏

ثم تمتد التعزية إلى ثلاثة أيام ولا يعزى بعدها إلا أن يكون المعزي أو المعزى غائبا وفي وجه يعزيه ابدا وهو شاذ والصحيح المعروف الأول ثم الثانية للتقريب‏.‏

معنى التعزية الأمر بالصبر والحمل عليه بوعد الأجر والتحذير من الوزر في تعزية المسلم بالمسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وفي تعزية المسلم بالكافر أعظم الله أجرك وأخلف عليك أو ألهمك الصبر أو جبر مصيبتك ونحوه‏.‏

وفي تعزية الكافر بالمسلم غفر الله لميتك وأحسن عزاك ويجوز للمسلم أن يعزي الذمي بقريبه الذمي فيقول أخلف الله عليك ولا نقص عددك‏.‏

 فصل يستحب صنع الطعام لأهل الميت

يستحب لجيران الميت والأباعد من قرابته تهيئة طعام لأهل الميت يشبعهم في يومهم وليلتهم ويستحب ان يلح عليهم في الاكل‏.‏

قلت قال صاحب الشامل وأما إصلاح أهل الميت طعاما وجمعهم الناس عليه فلم ينقل فيه شيء قال وهو بدعة غير مستحبة وهو كما قال‏.‏

قال غيره ولو كان الميت في بلد وأهله في غيره يستحب لجيران أهله اتخاذ الطعام لهم ولو قال الإمام الرافعي يستحب لجيران أهل الميت لكان أحسن لتدخل فيه هذه الصورة والله أعلم‏.‏

 فصل البكاء على الميت جائز

قبل الموت وبعده وقبله أولى والندب حرام وهو أن يعد شمائل الميت فيقال واكهفاه واجبلاه ونحو ذلك والنياحة حرام والجزع بضرب الخد وشق الثوب ونشر الشعر حرام وإذا فعل أهل الميت شيئا من ذلك لا يعذب الميت والحديث فيه متأول على من أوصى بالنياحة عليه‏.‏

 باب تارك الصلاة

وهو ضربان أحدهما تركها جحدا لوجوبها فهو مرتد تجري عليه أحكام المرتدين إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام يجوز أن يخفى عليه وجوبها ويجري هذا الحكم في جحود كل حكم مجمع عليه‏.‏

قلت أطلق الإمام الرافعي القول بتكفير جاحد المجمع عليه وليس هو على إطلاقه بل من جحد مجمعا عليه فيه نص وهو من أمور الإسلام الظاهرة التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام كالصلاة أو الزكاة أو الحج أو تحريم الخمر أو الزنا ونحو ذلك فهو كافر‏.‏

ومن جحد مجمعا عليه لا يعرفه إلا الخواص كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب وتحريم نكاح المعتدة وكما إذا أجمع أهل عصر على حكم حادثة فليس بكافر للعذر بل يعرف الصواب ليعتقده‏.‏

ومن جحد مجمعا عليه ظاهرا لا نص فيه ففي الحكم بتكفيره خلاف يأتي إن شاء الله تعالى بيانه في باب الردة وقد أوضح صاحب التهذيب القسمين الأولين في خطبة كتابه والله أعلم‏.‏

الضرب الثاني من تركها غير جاحد وهو قسمان أحدهما ترك لعذر كالنوم والنسيان فعليه القضاء فقط ووقته موسع والثاني ترك بلا عذر تكاسلا فلا يكفر على الصحيح وعلى الشاذ يكون مرتدا كالأول فعلى الصحيح يقتل حدا وقال المزني يحبس ويؤدب ولا يقتل‏.‏

ومتى يقتل فيه أوجه الصحيح بترك صلاة واحدة إذا ضاق وقتها والثاني إذا ضاق وقت الثانية والثالث إذا ضاق وقت الرابعة والرابع إذا ترك أربع صلوات والخامس إذا ترك من الصلوات قدرا يظهر لنا به اعتياده الترك وتهاونه بالصلاة‏.‏

والمذهب الأول والاعتبار بإخراج الصلاة عن وقت الضرورة فإذا ترك الظهر لم يقتل حتى تغرب الشمس وإذا ترك المغرب لم يقتل حتى يطلع الفجر الثاني حكاه الصيدلاني وتابعه الأئمة عليه وعلى الأوجه كلها لا يقتل حتى يستتاب وهل يكفي الاستتابة في الحال أم يمهل ثلاثة أيام قولان‏.‏

قال في العدة المذهب أنه لا يمهل والقولان في الاستحباب على المذهب وقيل في الايجاب الصحيح أنه يقتل بالسيف ضربا كالمرتد وفي وجه ينخس بحديدة ويقال صل فإن صلى وإلا كرر عليه النخس حتى يموت وفي وجه يضرب بالخشب حتى يصلي أو يموت وأما غسل المقتول لترك الصلاة ودفنه والصلاة عليه فتقدم بيانها في الصلاة على الميت فرع إذا أراد السلطان قتله فقال صليت في بيتي ترك‏.‏

فرع تارك الوضوء يقتل على الصحيح ولو امتنع من صلاة الجمعة وقال أصليها ظهرا بلا عذر لم يقتل قاله الغزالي في فتاويه لأنه لا يقتل بترك الصوم فالجمعة أولى لأن لها بدلا وتسقط بأعذار كثيرة‏.‏

قلت قد جزم الإمام الشاشي في فتاويه بأنه يقتل بترك الجمعة وإن كان يصليها ظهرا لأنه لا يتصور قضاؤها وليست الظهر قضاء عنها‏.‏

وقد اختار هذا غير الشاشي واستقصيت الكلام عليه في أول كتاب الصلاة من شرح المهذب ولو قتل إنسان تارك الصلاة في مدة الإمهال قال صاحب البيان يأثم ولا ضمان عليه كقاتل وسيأتي كلام الرافعي فيه في كتاب الجنايات إن شاء الله تعالى وإن ترك الصلاة وقال تركتها ناسيا أو للبرد أو عدم الماء أو لنجاسة كانت علي ونحو ذلك من الأعذار صحيحة كانت أو باطلة قال صاحب التتمة يقال له صل فان امتنع لم يقتل على المذهب لأن القتل بسبب تعمد تأخيرها عن الوقت ولم يتحقق ذلك وفي وجه أنه يقتل لعناده‏.‏

قال ولو قال تعمدت تركها ولا أريد أن أصليها قتل قطعاً‏.‏

وإن قال تعمدت تركها بلا عذر ولم يقل ولا أصليها قتل أيضاً على المذهب لتحقق جنايته وفيه وجه أنه لا يقتل ما لم يصرح بالامتناع من القضاء‏.‏

واعلم أن قضاء من ترك الصلاة بعذر على التراخي على المذهب ومن ترك بغير عذر فيه وجهان أصحهما عند العراقيين على التراخي والصواب ما قاله الخراسانيون أنه على الفور وستأتي المسألة في كتاب الحج إن شاء الله تعالى كما قدمنا الوعد به في آخر صفة الصلاة والله أعلم‏.‏